لم نكن نعلم يا هيثم، أنك بهذا المستوى من الطموح. لم نكن نعلم أن جمع الأمانات من زكاة الفطرة صباح العيد وكفالات الأيتام لم تعد تثري زادك.. فطمحت ونلت أعلى وأحسن الختام.
أكتفيت الآن؟ هل أجر خدمة الناس غمر سلال حسناتك؟
هيثم ادريس.. بعدما كنت تمر بهدوء، يمر نعشك في السوق، محدثًا كل هذا الصخب.
يا ابن بنت جبيل، ستنتظرك دروبها لتمر هاهنا، بين حي المنشر والسوق والبركة. هنا حيث ألفت جدران الحي شقاوتك طفلا، وهنا حيث عرفك الناس شابا خدومًا وقورًا مهذبًا.
يا رفيق المسجد كلما حان موعد الصلاة، رواد الجامع الكبير يتجرعون الفقد تلو الفقد، يشتاقون مشاركتك جمعات الود. ويفخرون أنهم عايشوا الأبطال. يحبون لك أن لدمك بصمة في إحقاق الحق.
اليوم صرت شاهدًا وشهيدًا. أنت شاهدٌ جديد على غدر إسرائيل، وهمجيتها. إذ أصابت جسدك غارة من مسيرة، رمت حقدها مرتين على دراجتك النارية.
تشهد المدينة أنك كنت بمثابة الأب لاخوتك بعد فقدان الوالد، والمتأثر بفكر سماحة المرجع الراحل السيد فضل الله. والمتفاني في عملك خدمةً لمؤسسات الأيتام والمبرات.
تودعك بنت جبيل، وتريح بعضًا من ترابها على جثمانك، علها تَسمع نبض "الأحياء عند ربهم"، فتأنس بابنها البار.
تقرير داليا بوصي- تصوير ومونتاج حسين بزي