مقالات

هل يملك ترامب صلاحية إعلان الحرب وفقاً للدستور الأميركي؟

وحده الكونغرس يملك صلاحية  إعلان الحرب وفقا للمادة الأولى من الجزء الثامن من الدستور الأميركي.  لكن هذه  الصلاحية  لم تُمارس في معظم الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة  خلال العقود الماضية،  حيث قام العديد من الرؤساء الأميركيين، بما فيهم ترامب ، باتخاذ إجراءات عسكرية دون إعلان حرب رسمي من الكونغرس، مستندين إلى  تفويضات استخدام القوة العسكرية (AUMF)  كالتفويض  الذي صدر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أو إلى القرارات  التنفيذية أو ما يسمى بـ “الأعمال العسكرية المحدودة” بحجة أن ذلك ضمن صلاحيات الرئيس  كقائد أعلى للقوات المسلحة.

 لكن هذه الإجراءات غالباً ما تقع ضمن منطقة قانونية رمادية، وقد يعترض عليها الكونغرس إذا أراد أو لا يعترض ، وفقاً  لمزاج الأكثرية الحاكمة ومدى دعمها للرئيس. على سبيل المثا ، في عام 2020، أمر ترامب بتنفيذ ضربة بطائرة مسيرة أدت إلى اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني دون موافقة مسبقة من الكونغرس وقد برر ترامب العملية بأنها دفاعية وقائية وليست إعلان حرب. وقد أثارت  عملية الإغتيال آنذاك جدلاً واسعاً في الداخل الأميركي حول دستورية العملية.
فالدستور واضح ويفرق بين شنّ حرب شاملة وهو ما يتطلب موافقة الكونغرس وبين الضربات أو العمليات العسكرية المحدودة التي تُعتبر من صلاحيات الرئيس.  ويدور الجدل حول إمكانية تحول الضربة  العسكرية إلى  حرب مفتوحة  (فالجدل في أصله ليس حول الضربة إنما حول  إضمار  مُسبق بجرّ  البلاد إلى الحرب ). 

فإذا أراد ترامب شنّ  حرب على إيران فبحسب القانون يحتاج موافقة الكونغرس ،  أما إذا أراد  توجيه ضربة محصورة بمفاعل فوردو  فهو ليس بحاجة لموافقة من الكونغرس ، حتى لو تطورت الضربة إلى حرب شاملة مع إيران . والأمثلة على ذلك كثيرة وفي مقدمتها حرب فيتنام التي لم تحظى بإعلان رسمي من الكونغرس ,واستند الرئيس جونسون  وقتها إلى قرار خليج تونكين عام 1964 الذي أعطاه صلاحية موسعة للتحرك العسكري في فيتنام حيث تحول هذا التحرك إلى حرب استمرت سنوات طويلة، وقتل فيها أكثر من 50 ألف جندي أميركي دون إعلان حرب رسمي من الكونغرس .  كذلك الأمر بالنسبة لحرب كوسوفو عام  1999 مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون  الذي أمر بشنّ غارات جوية ضد صربيا تحت مظلة  حلف الناتو دون موافقة صريحة من الكونغرس  معتمداً  على منصبه كقائد أعلى  للقوات العسكرية ، وقد أثارت هذه الخطوة جدلاً  قانونياً  في الكونغرس حول شرعيتها.

 أما بالنسبة لغزو العراق عام  2003 فقد حصل الرئيس جورج  بوش الإبن على تفويض من الكونغرس (AUMF 2002) لكنه لم يعلن الحرب رسمياً على العراق ، وقد استخدم هذا  التفويض لاحقاً لتبرير عمليات في دول أخرى  حتى بعد انتهاء حرب العراق .  

وبين عامي 2017 و2018  أمر ترامب بقصف مواقع للجيش السوري بعد اتهامه باستخدام  الأسلحة الكيميائية في الغوطة، وقد برّر ترامب الضربة بأنها لحماية الأمن القومي ومنع انتشار السلاح الكيميائي، ولم يحصل على موافقة  من الكونغرس. 

الدستور  واضح  لكن الرؤساء الأميركيين خلال العقود الأخيرة، توسعوا جداً في استخدام صلاحياتهم كقيادات  عُلْيا للقوات المسلحة لتنفيذ عمليات عسكرية دون إعلان حرب رسمي من غير أن يتدخل الكونغرس ، وإذا اعترض فأنه  يعترض بعد تنفيذ الهجوم. من غير أن ننسى الضربات التي وجهها الرئيس السابق جو بايدن والحالي ترامب لليمن .