في حديث هام ومكاشفة صادقة، أطلّ رئيس بلدية بنت جبيل المنتهية ولايته المهندس عفيف بزي في مقابلة مطوّلة مع موقع بنت جبيل اختصر فيها مسيرة ربع قرن من العمل البلدي، كاشفاً عن كواليس التجربة، التحديات، والقرارات المفصلية التي صنعت ملامح المدينة في العقود الأخيرة. لم تكن المقابلة مجرّد كلمة وداع، بل بمثابة وثيقة سياسية وإدارية وإنسانية تسجّل تاريخاً طويلاً من الالتزام تجاه بنت جبيل، مدينة الصمود والاغتراب.
أهمية المقابلة تنبع من أنها لا تسرد الإنجازات فقط، بل تضيء على فلسفة العمل العام، وعلى العلاقة العميقة بين البلدية وأبناء المدينة، سواء المقيمين أو المنتشرين في دول الاغتراب. تحدث الرئيس بصراحة نادرة عن النجاحات، وأيضاً عن العثرات، لا سيما في ملف المياه وأزمة الودائع المالية التي تبخرت نتيجة الانهيار الاقتصادي في لبنان. كما توقف عند مشروع الكهرباء 24/24، ومبادرات الطاقة الشمسية، واحتضان المدينة للمهرجانات والمؤسسات التربوية والرياضية.
تكتسب هذه المقابلة قيمتها من كونها تنطلق من تجربة حقيقية ميدانية، تمتد على مدى 25 سنة، وتطرح تساؤلات جوهرية حول مفهوم العمل البلدي، دور الدولة، وأهمية إشراك الناس – لا سيما المغتربين – في عملية التنمية.
هي ليست نهاية مرحلة فحسب، بل بداية تأمل ضروري في معنى الإدارة المحلية، في زمن يتراجع فيه الحضور الرسمي وتتعاظم فيه مسؤولية البلديات. رئيس البلدية اختار أن يغادر موقعه، لكنه لم يغادر موقعه المعنوي كابنٍ للمدينة، باقٍ إلى جانبها، داعمًا لمن سيخلفه، ومؤمناً بأن بنت جبيل تستحق الأفضل دائمًا.